تنبيهات حول كتاب « أحكام تمني الموت »

هذه ملحوظات حول كتاب « أحكام تمني الموت » المنسوب لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، على ضوئها أرى أنَّ في نسبته إليه نظراً :

v  أولاً : اُعتُمد في طبع هذا الكتاب على نسخةٍ مصورةٍ في المكتبة السعودية بالرياض برقم (771/86) عن أصل مخطوط في مكتبة لايدن في هولندا برقم (2479) وهذا أمر مستغرب ؛ إذ أنَّ أصول كتب الشيخ موجودة عند أبنائه وطلابه في هذه البلاد ، ويندر أن يوجد منها شيء خارجها .

v  ثانياً : أنَّ كتب الشيخ غالباً لها أصول كثيرة بقلم الشيخ أو أبنائه أو طلابه ، أما هذا الكتاب فلم يوجد له إلا أصل واحد !! .

v  ثالثاً : أن هذه المخطوطة لم يكتب عليها اسم مؤلفها أو ناسخها أو تاريخ نسخها بالخط الذي كُتبت به ، وإنما كتب عليها بخط مغاير لخطها : ( هذا خط شيخ الإسلام ... محمد بن عبد الوهاب ... ) ، فلعل كاتب هذه العبارة عندما وقف على هذه المخطوطة توهم أنها بخط الشيخ رحمه الله فنسبها إليه .

v  رابعاً : من قرأ هذا الكتاب وله دراية بكتب الشيخ قطع بأنه ليس من تأليفه ، لأن كاتبه اعتنى فيه بجمع الأحاديث والآثار المتعلقة بالموت وأهواله دون تمحيص لها أو انتقاء ، وقد وقفتُ فيه على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والحكايات الغريبة جُمعت فيه مع غيرها من الأحاديث الصحيحة دون ترتيب أو تبويب ، وهذا ليس من أسلوب الشيخ ولا على طريقته في مؤلفاته التي تمتاز بالإتقان والدقة ، وبالمقارنة بين هذا الكتاب وبين كتب الشيخ تُدرك هذه الحقيقة .

v  خامساً : ليس في هذا الكتاب ما يتعلق بتمني الموت إلا في أربع صفحات من مقدمته ، أما بقية الكتاب فهو عن عذاب القبر وأهواله وغير ذلك مما ليس له صلة قوية بعنوان الكتاب . وليس من منهج الشيخ ولا من منهج المحققين من أهل العلم أن يكون عنوان كتبهم مخالفاً لمضمونها .

v  سادساً : هذا الكتاب أشبه ما يكون أسلوبه وطريقته بمؤلفات السيوطي ، وكدتُ أقطع بأنه له لولا أني رأيت مؤلِّفه نقل عن السيوطي في صفحة 36 فقال : ( قال السيوطي : ... ) ، ومع هذا فقد ظهر لي بعد أن الكتاب مختصر من كتاب السيوطي (شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور) ، فقد قارنت بينهما فوجدت أن جميع الأحاديث الموجودة فيه موجودة في كتاب السيوطي على الترتيب نفسه ، مع حذف للأبواب وجملة من الأحاديث . والموضع الذي قال فيه ( قال السيوطي : ... ) بدله في شرح الصدور (قلت: ...) .

v   سابعاً : جميع من ترجم للشيخ – فيما اطلعت عليه – لم يذكر أحد منهم هذا الكتاب ضمن مؤلفاته رحمه الله ، عدا بعض المعاصرين ممن اغتر برؤيته هذه المخطوطة منسوبة إلى الشيخ ، أو اعتمد على نشره ضمن مجموع مؤلفات الشيخ وليس في هذا ما يدل على أنه له ، لاسيما وأن محقق الكتاب لم يقدم دراسة عن الكتاب يبين فيها صحة نسبته إلى مؤلفه .

v  ثامناً : أنَّ منهج الشيخ في دعوته التحذير من البدع والخرافات ، وأما هذا الكتاب فمليء بالأدلة الباطلة والحكايات الغريبة التي تدعو إليها . ومن الأمثلة على ذلك : رفع الصوت بالدعاء للموتى عند قبورهم ، وتلقين الميت الشهادتين عند دفنه ، وأن الموتى يسمعون الأحياء ويتخاطبون معهم ، وأن القبور يؤذن فيها ويسمع الأحياء ذلك ، وإرسال الأكفان الجديدة مع من يموت إلى أهل القبور ، وغير ذلك من البدع الكثيرة التي ما أنزل الله بها من سلطان . فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله . ومن تأمل كتب الشيخ ومؤلفاته وجد فيها التحذير من هذه البدع وأمثالها والإنكار على فاعلها ، فلا يتصور ممن كان كذلك أن يذكر هذه الأدلة الباطلة والحكايات الغريبة الداعية إلى البدع ثم لا يبين بطلانه .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

************