الشكوى إلى الله
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «أجمع المسلمون على أن المسلم يجوز له أن يشتكي إلى الله ما نزل من الضر، والله سبحانه في كتابه قد أمر بذلك، وذم من لا يفعله، قال تعالى: {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}، وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في دعائه: "اللّهمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء". وفي الصحيح أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك".
وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يدعو دعاء إلا ختمه بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} . وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - العباس وغيره أن يسأل العافية في الدنيا والآخرة، وعلم رجلا أن يدعو فيقول: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني" ، ومثل هذا كثير.
والعبد إذا اشتكى إلى ربه ما نزل به من الضر وسأله إزالته لم يكن مذموما على ذلك باتفاق المسلمين، والشكوى إلى الله لا تنافي الصبر». جامع المسائل لابن تيمية (4/ 72-73)