تواضع ابن تيمية

قال ابن القيم رحمه الله: "فلا شيء أنفع للصادق من التحقق بالمسكنة والفاقة والذل، وأنه لا شيء. وأنه ممن لم يصح له بعدُ الإسلام حتى يدّعي الشرف فيه.
ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- من ذلك أمرا لم أشاهده من غيره. وكان يقول كثيرا: ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا فيّ شيء، وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت:
أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدي
وكان إذا أثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت. وما أسلمت بعدُ إسلاما جيدا.
وبعث إليّ في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه:
أنا الفقــــــــــــــــــــــــــير إلى رب البريــــــــــــات ... أنا المسيكـــــــــين في مجـــــموع حالاتي
أنا الظلـــــــــــــــــــــوم لنفسي وهي ظالمتي ...والخـــــــــــــير إن يـــــــــــــأتنا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلــــــــــــب منفعة ... ولا عـــــــن النفس لي دفع المضرات
ولــــــــــــــــيس لي دونه مــــــــــــــــــولًى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطت خـــــــــطيئاتي
إلا بإذن مــــــــــــــــن الرحمن خـــــــــــــــالقنا ... إلى الشفيع كما قد جاء في الآيات
ولـــــــــــــــست أملك شيئا دونه أبـــــــدا ... ولا شـــــــريك أنا في بـــــــــعض ذرات
ولا ظــــــــــــهير له كي يستعـــــــــــــــــــين به ... كمـــــــــــــــا يـــــكون لأرباب الولايات
والفقـــــــــر لي وصف ذات لازم أبدا ...كمــــــــــــــــا الغنى أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهـــــــــم ...وكلـــــــــــــــهم عـــــــــــــــــنده عبد لــــــــــــــــه آتي
فمــــــــــــن بغى مطلبا من غير خالقه ... فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملء الكون أجمعه ... ما كان منه وما من بعد قد ياتي" مدارج السالكين (1/520).